اخلاق المـــــــؤمنــــــيـــــــن
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
اخلاق المـــــــؤمنــــــيـــــــن
من أخلاق المؤمنين والمـــــــــــــــــــؤمنات
للإمام عبد العزيز بن باز رحمه الله
الحمد لله رب العالمين والعاقبةالله للمتقين .. والصلاة والسلام على عبده ورسوله وصفوته من خلقه وخليله وأمينه على وحيهنبينا وإمامنا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يومالدينه
أما بعد : فإني أشكر الله عز وجلعلى ما من به من هذا اللقاء بإخوتي بالله في أفضل بقعة في رحاب البيت العتيق في مكةالمكرمة للتواصي بالحق والدعوة إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال والترهيب من سيءالأخلاق وسيء الأعمال . وأسأله سبحانه أن يجعله لقاءاً مباركاً وأن يصلح قلوبناوأعمالنا وأن يعيذنا جميعاً من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا وأن ينصر دينه ويعليكلمته وأن يصلح أحوال المسلمين في كل مكان وأن يمنحهم الفقه في الدين يولي عليهمخيارهم ويصلح قادتهم كما أسأإله سبحانه أن يوفق ولاة أمرنا لكل ما يرضيه ويصلحقلوبهم وأعمالهم وأن يعينهم على كل خير وأن يجعلهم من الهداة المهتدين إنه سبحانهجواد كريم .. كما أشكر أخي الشيخ ناصر على دعوته لي لهذا اللقاء وعلى أبياته التيسمعتموها وأسأل الله أن يعفو عني وعنكم وعنه وأن يصلح قلوبنا وأن يغفر لنا ذنوبناوسيئات أعمالناه
أيها الأخوة في الله .. عنوانكلمتي .. أخلاق المؤمنين والمؤمنات . إن الله سبحانه في كتابه الكريم أوضح أخلاقالمؤمنين وصفاتهم وأعمالهم وما أعد لهم في الدنيا والآخرة من النعيم والخير الكثيرثم إنه سبحانه أوضح صفات الكافرين والمشركين وبين مآلهم ومصيرهم وما أعد لهم منالعذاب الأليم كي يأخذ المؤمن بحظه من صفات المؤمنين ويستقيم على ذلك ويحافظ علىذلك ويجاهد نفسه لذلك وليحذر من صفات الكافرين ويبتعد عنها ويحذر إخوانه منها ومنأجمع ما جاء في كتاب الله في هذا المقام : قوله سبحانه في سورة التوبة : ((والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمونالصلاة ويأتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم … )) . الآية ، هذه الآية جمعت جميع الصفات التي يحبها الله والتحذير من الصفات التييبغضها الله مع اختصارهاه
وفي القرآن آيات كثيرات في صفاتالمؤمنين والمؤمنات وفي أخلاقهم منها ما سمعتم في قراءة الشيخ هذه الليلة في آخرسورة الفرقان (( وعباد الرحمن الذين يمشون في الارض هونا واذا خاطبهم الجاهلونقالوا سلاما والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذابجهنم ان عذابها كان غراما انها ساءت مستقرا ومقاما..)) ، إلى آخر الآيات من صفاتعباد الرحمن فهي صفات جامعة ،أيضاً قال في اخرها سبحانه (أولئك يجزون الغرفة ))،يعني الجنة ، ((بما صبروا ))، بصبرهم على طاعة الله ، ((ويلقون فيها تحية وسلاماخالدين فيها حسنت مستقرا ومقاما ))ه
ومن صفاتهم العظيمة في سورة البقرةقوله سبحانه جل علا : ((ليس البر ان تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر منآمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربىواليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب واقام الصلاة وآتى الزكاةوالموفون بعهدهم اذا عاهدوا والصابرين في الباءساء والضراء وحين البأس اولئك الذينصدقوا واولئك هم المتقون)) ، هذه مجمع الصفات وهناك آيات كثيرات ..من تدبر القرآنعلمها وعرفها في مظانها .. لكن هذه الآيه من سورة التوبة مع اختصارها جامعة لكلالصفات ، قال سبحانه و تعالى : ((والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض )) هذهصفتهم أولياء ـــأحباء ــ لا يتحاسدون و لا يتناجشون ولا يتباغضون ولا يتدابرون ولايخذل بعضهم بعضا ولا يكذب بعضهم على بعض ولا يغش بعضهم بعضا ولا يظلم بعضهم بعضاهذه صفاتهم … أولياء ، الولي…الصديق …الحبيب …ومعلوم ان الصديق الصحيح والحبيب لايغش اخاه وصديقه ولا يظلمه ولا يؤذيه لا بقول ولا بفعل ، ولا يخونه في المعاملة ولايكذبه في الحديث و…الى غير ذلك … فأنت يا عبد الله حاسب نفسك هل انت قائم بهذاالوصف ؟!!… لا تظلمه ولا تؤذيه ، و هل أنت مستقيم عليه ؟ تحب لأخيك كل الخير وتكرهله كل الشر لا تظلمه و لا تغشه لا بقول ولا بفعل ..؟ هذه صفة عظيمة فالمطلوب من كلمؤمن ومؤمنة حساب النفس على هذا ..كل منا يحاسب نفسه هل هو من اهل هذه الصفة ؟؟ ((بعضهم أولياء بعض )) فعليه أن يجاهد نفسه اذا كان يعلم منها خلاف ذلك ، فعليه أنيجاهدها حتى تستقيم على المحبة و الأخوة الأيمانية وعدم الأيذاء للمؤمن والمؤمنةبأي وسيلة ، و يحب له ولأخته في الله كل الخير ويكره له كل الشر … هكذا المؤمنوهكذا المؤمنة .. ثم قال بعد ذلك : ((يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر )) ، هذه منأخلاق المؤمنين ومن صفات المؤمنين ذكوراً وإناثاً ..الأمر بالمعروف والنهي عنالمنكر ، كما قال سبحانه : ((كنتم خير أُمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عنالمنكر )) ، فالواجب على أهل الإيمان من الرجال والنساء التخلق بهذا الخلق يأمربالمعروف وينهى عن المنكر في بيته ومع زملائه ومع جلسائه ومع غيرهم ، إذا رأىمنكراً أنكره وإذا رأى أن المعروف قد أضاعه أخوه أنكر عليه إضاعته ، وهكذا المؤمنةمع أخواتها في الله كلٌ يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر في بيته ومع أهله … الزوج معزوجته والزوجة مع زوجها والرجل مع أولاده ومع إخوانه ومع خدمه ومع أيتامه يأمربالمعروف وينهى عن المنكر لا يغفل ..هذه خصلة عظيمة لا بد منها ..ومن أهم واجباتهومن أهم خصال المؤمن ان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر مع أهل بيته كما قال سبحانه : ((يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة )) ..وقال عز وجل : ((ولتكن منكم أمة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكروألئك هم المفلحون )) ، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : ((منرأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع بقلبه وذلك اضعفالإيمان )) ، لا يسكت بل ينكر بيده إذا كان له سلطه كالهيئة في حدود تعليماتهاوالأمير والسلطان والرجل في اهل بيته كل ينكر قدر طاقته .بيده إزالة المنكر وهكذامن فالسلطان في أي شيء ينكر في حدود صلاحيته بيده وبلسانه وبقلبه …الرجل والمرأةومهما أمكن اللسان وحصل به المطلوب متى أزال المنكر فالحمد لله .. فإن لم يزلالمنكر أزاله بيده إن قدر على ذلك لكونه له سلطة في هذا الشيء من أمير وهيئة وصاحببيت مع أهله ونحو ذلك ممن له سلطة ، أما غيرهم فيكفي الكلام بالدعوة والتوجيهوالإرشاد والنصيحة ، كما قال جل وعلا ((ومن أحسن قولاً ممن دعا الى الله وعملصالحاً )) وقال سبحانه : ((ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتيهي أحسن)) ، و قال عز وجل : ((ولا تجادلوا اهل الكتاب إلا بالتي أحسن إلا الذينظلموا منهم )) ،فالجدال بالتي هي أحسن من أعظم الأسباب في فهم الحق وقبوله والرضابه .. أما العنف والشدة من أسباب التكبر والإعراض والنزاع وعدم قبول الحق ،وبهذاثبت عنه صلى الله عليه وسلم : ((إن الرفق لم يكن في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيءإلا شانه ))، وقال صلى عليه وسلم : ((من يحرم الرفق .يحرم الخير كله ))، ويقول صلىالله عليه وسلم : ((اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فارفق به… اللهم منولي من أمر أمتي شيئاً فشق عليهم فشُق عليه )) .. فالمؤمن يتحرى أسباب إزالة المنكرويتحرى أسباب قبول الحق بالعبارة الحسنة والأسلوب الحسن والتوجيه الطيب مع إقامةالأدلة ، مثلاً قال الله وقال النبي ، فإذا لم يجدي ذلك فالقوة حينئذٍ في إزالةالمنكر ..إراقة الخمر ..كسر الصورة ، إلى غير هذا مما يزال باليد ممن له سلطة منأمير وقاضٍ وهيئة وغير هذا ممن له سلطة ، ولهذا قال جل وعلا في الآية في سورةالعنكبوت : (( ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم )) ،الظالم يعامل بما يناسبه من إلزامه بالحق وقمعه بالباطل وإقامة الحد عليه والتعزيمعليه بمن له السلطة في ذلك .. وبين سبحانه في سورة المائدة ان الناس إذا أضاعوا هذاالواجب نزلت بهم عقوبة اللعن ، فإذا ترك الناس الأمر والنهي خشي عليهم عقوبة اللعن ، فيقول سبحانه : (( لُعِن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابنمريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوايفعلون )) ، يعينوه على هذا الأمر لما اعرضوا عن إنكار المنكر وتساهلوا .. قال صلىالله عليه وسلم في الحديث الصحيح : (( إن الناس إذا رأوا المنكر ولم يغيروه أوشك انيعمهم الله بعقاب )) ، و قال : ((ويلٌ للعرب من شر ٍقد أقترب ،فتح اليوم من ردميأجوج ومأجوج مثل هذا وحلق بإصبعيه ))..يخطب أصحابه عليه الصلاة والسلام فقالت لهزينب أم المؤمنين بنت جحش رضي الله عنها : " يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون ؟ "ـــ أ نهلك وفينا الصالحون يعني وفينا الأخيارـــ قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( نعم إذا كثر الخبث )) ، إذا كثر الخبث يعني إذا كثر الخبث جاءت العقوبات ويهلكالصالحون نعم العقوبة والخبث والشرك والمعاصي ،كلها خبث ، الشرك خبث والمعاصي خبث ،نعم إذا وجد المنكر ولم ينكر … لهذا يوجب على المسلمين التواصي بالحق و التناصحوالتعاون بالبر والتقوى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، كما قال عز وجل : ((والعصر إن الإنسان لفي خُسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحقوتواصوا بالصبر )) ، هؤلاء هم الرابحون وهم الناجون وهم السعداء وبقية الناس فيخسارة ،و أهل هذه الصفات الأربع الإيمان الصادق بالله ورسوله والعمل الصالح والذيهو توحيد الله وطاعته وترك المعصية والتواصي بالحق التناصح والأمر بالمعروف والنهيعن المنكر .. إيمان وعملاً وتوصياً وصبراً لابد منها ، هذه صفة الرابحين المؤمنينفمن فقد شيئاً من هذه الصفات الأربع أصابته الخسارة بقدر ما فقد من هذه الصفة فإنفاتتك كلها تمت الخسارة ولا حول ولا قوة إلا باللهه
وقد يقتصر سبحانه وتعالى علىالإيمان والعمل الصالح في غالب الآيات لأن التواصي بالحق والصبر داخل في الإيمانوالعمل الصالح ، ولهذا قال في الآيات الأخرى : (( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحاتلهم جنات النعيم )) .. والتواصي داخل في ذلك في الصبر والحق .. داخل في الإيمانوالعمل الصالح ، قال تعالى : (( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جناتالفردوس نزلا خالدين فيها لا يبغون عنها حولا )) ، لأن الإيمان والعمل الصالح يشملالتواصي بالحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصبر عليه كله داخل في الإيمانوالعمل الصالح قال الله تعالى (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات هم خير البرية )) ، خير البرية خير الخليقة بسبب إيمانهم والعمل الصالح وعملهم الصالح : (( جزاؤهمعند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنهذلك لمن خشي ربه )) ، هذا الخير لمن خشي الله .. عمل عن إخلاص وصدق وخشية الله عزوجل لا عن رياء وسمعة ولا عن تقليد ونحو ذلك .. لا .. عن إيمان بالله ورسوله ، عنخشية لله ، عن رغبة فيما عنده ، جل وعلا .. فلابد من الإيمان بالله ورسوله ولابد منالعمل الذي هو داخل في الإيمان ، فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أعظم العملومن أعظم شعب الإيمان فلابد من ذلك يجب على المؤمنين والمؤمنات القيام بهذا الواجب ، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أينما كانوا في البيت في الطريق في الطائرة فيالباخرة في القطار في أي مكان حسب الطاقة (( فاتقوا الله ما استطعتم )).. ثم قالسبحانه : (( ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة )) هذه من أهم أنواع الفرائض لكن قدّم ((بعضهم أولياء بعض )) ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأن هذه صفات عامة مهمةيترتب عليها كل خير من الصلاة وغيرها ، متى وجد تحابّ في الله ومتى وجد الأمربالمعروف والنهي عن المنكر والتواصي بالحق ، فضل بعد ذلك إقام الصلاة و إيتاءالزكاة وإطاعة الله ورسوله ، و إنما يأتي التحلل من الإعراض والغفلة وعدم الأمروالنهي وعدم التواصي بالحق ، فعند هذا تكثر الشرور ويختل الإيمان وتضاع الصلاةوتضاع الزكاة وتضاع طاعة الله ورسولهه
فالواجب على المكلفين من الرجالومن النساء العناية بهذا الأمر ، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأن يكون ولياًلأخته وأخيه ، وأن يحذر جميع ما حرم الله وأن يقيم الصلاة كما أمر الله فالرجليؤديها في الجماعة والمرأة تؤديها في وقتها وفي بيتها كما أمر الله بالخشوعوالطمأنينة ، قال الله تعالى : (( قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون )) ،ثم ذكر صفاتهم : (( والذين هم على صلواتهم يحافظون أولئك هم الوارثون الذين يرثونالفردوس هم فيها خالدون )) ، هذه الصفات العظيمة في سورة المؤمنون .. ومن جملةصفاتهم : (( والذين هم عن اللغو معرضون والذين هم للزكاة فاعلون والذين هم لفروجهمحافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم ف'نهم غير ملومين فمن اتقى وراء ذلكفأولئك هم العادون والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون والذين هم على صلواتهم يحافظون )) ، هذه من صفاتهم التي تدخل في قوله ويقيمون الصلاة ويطيعون الله ورسوله فإن كلمةويطيعون الله ورسوله كلمة جامعة تجمع جميع الصفات يدخل فيها الصيام والحج وبرالوالدين وصلة الرحم والجهاد وترك المنكرات التواصي والتواصي بالصبر ، كما شرع اللهعن إيمان وعن صدق وعن رغبة وعن رهبة ويؤدون الزكاة كذلك يؤدون الزكاة كما أمر اللهبأموالهم الرجال والنساء في كل شيء في الجهاد وفي صيام رمضان وفي الحج مع الاستطاعة ، قال بعد ذلك : (( أولئك سيرحمهم الله )) ، أي من حمل هذه الصفات يرحمه اللهبالتوفيق في الدنيا والنجاح في الآخرة ، لما قام بأمر الله واتقى الله وتخلقبالأخلاق التي مدحها الله و أمر بها وهو الصادق في وعده لا يخلف الميعاد سبحانهوتعالى ، ومن الرحمة التوفيق في الدنيا كحسن الخاتمة ، ومن الرحمة دخول الجنةومنجاة من النار يوم القيامة بسبب أعماله الطيبة وإيمانه وتقواه وصدقهه
فالوصية أيها الأخوة كل منا يحاسبنفسه ويجاهدها في الله ويتدبر كتاب الله الكريم فإن فيه الهدى والنور من أوله لآخرهفيه صفات الأبرار والأخيار والمؤمنين وفيه صفات الأشرار من الكفار والمنافقينوالمجرمين ، فيتدبر القرآن ويعتني به ويكثر من تلاوته للعمل لا لمجرد التلاوة ،والتلاوة عبادة وفيها خير عظيم وكل حرف بحسنة والحسنة بعشر أمثالها ، لكن المقصودالتلاوة عمل هو اللب والتلاوة وسيلة فالمشروع للمؤمن و المؤمنة العناية بهذا الأمر ، و العناية بالقرآن وتدبر معانيها والإكثار من ذلك ، حتى تعمل بما أوجب الله وبماشرع الله وحتى ينتهي عما نهى الله عنه ، وهكذا سنة الرسول صلى الله عليه وسلم يعتنيبها المؤمن ويحفظ ما تيسر منها وسمعها يسأل أهل العلم عما أشكل عليه ، حتى يحصل لهعلم من القرآن وعلم من السنة بما شرع الله في هذه الدار .. فأنت يا عبد الله في دارالعمل أنت مخلوق لتعبد ربك لم تخلق للأكل والشرب والنكاح .. لا .. خلقت لأمر عظيم ،لتعبد ربك ، : (( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ))، وأمر بعد ذلك : (( يا أيهاالناس اعبدوا ربكم )) فأنت مخلوق لهذه العبادة وهذه العبادة هي دين الإسلام ، وهيالإيمان وهي ما ذكره الله في قوله : (( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض ))وفي كثير من الآيات العبادة التي خلقت لها هي توحيد الله وطاعة أوامره وترك نواهيه ، هذه العبادة التي خلقت لها فلابد من صبر ولابد من جهاد ، أما ما يسر الله لك منأكل وشرب و أموال ونكاح وسكن وغير ذلك فهي معونة على أداء حق ربك .. وبالله التوفيق لك على القيام بالواجب والسعي بها
للإمام عبد العزيز بن باز رحمه الله
الحمد لله رب العالمين والعاقبةالله للمتقين .. والصلاة والسلام على عبده ورسوله وصفوته من خلقه وخليله وأمينه على وحيهنبينا وإمامنا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يومالدينه
أما بعد : فإني أشكر الله عز وجلعلى ما من به من هذا اللقاء بإخوتي بالله في أفضل بقعة في رحاب البيت العتيق في مكةالمكرمة للتواصي بالحق والدعوة إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال والترهيب من سيءالأخلاق وسيء الأعمال . وأسأله سبحانه أن يجعله لقاءاً مباركاً وأن يصلح قلوبناوأعمالنا وأن يعيذنا جميعاً من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا وأن ينصر دينه ويعليكلمته وأن يصلح أحوال المسلمين في كل مكان وأن يمنحهم الفقه في الدين يولي عليهمخيارهم ويصلح قادتهم كما أسأإله سبحانه أن يوفق ولاة أمرنا لكل ما يرضيه ويصلحقلوبهم وأعمالهم وأن يعينهم على كل خير وأن يجعلهم من الهداة المهتدين إنه سبحانهجواد كريم .. كما أشكر أخي الشيخ ناصر على دعوته لي لهذا اللقاء وعلى أبياته التيسمعتموها وأسأل الله أن يعفو عني وعنكم وعنه وأن يصلح قلوبنا وأن يغفر لنا ذنوبناوسيئات أعمالناه
أيها الأخوة في الله .. عنوانكلمتي .. أخلاق المؤمنين والمؤمنات . إن الله سبحانه في كتابه الكريم أوضح أخلاقالمؤمنين وصفاتهم وأعمالهم وما أعد لهم في الدنيا والآخرة من النعيم والخير الكثيرثم إنه سبحانه أوضح صفات الكافرين والمشركين وبين مآلهم ومصيرهم وما أعد لهم منالعذاب الأليم كي يأخذ المؤمن بحظه من صفات المؤمنين ويستقيم على ذلك ويحافظ علىذلك ويجاهد نفسه لذلك وليحذر من صفات الكافرين ويبتعد عنها ويحذر إخوانه منها ومنأجمع ما جاء في كتاب الله في هذا المقام : قوله سبحانه في سورة التوبة : ((والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمونالصلاة ويأتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم … )) . الآية ، هذه الآية جمعت جميع الصفات التي يحبها الله والتحذير من الصفات التييبغضها الله مع اختصارهاه
وفي القرآن آيات كثيرات في صفاتالمؤمنين والمؤمنات وفي أخلاقهم منها ما سمعتم في قراءة الشيخ هذه الليلة في آخرسورة الفرقان (( وعباد الرحمن الذين يمشون في الارض هونا واذا خاطبهم الجاهلونقالوا سلاما والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذابجهنم ان عذابها كان غراما انها ساءت مستقرا ومقاما..)) ، إلى آخر الآيات من صفاتعباد الرحمن فهي صفات جامعة ،أيضاً قال في اخرها سبحانه (أولئك يجزون الغرفة ))،يعني الجنة ، ((بما صبروا ))، بصبرهم على طاعة الله ، ((ويلقون فيها تحية وسلاماخالدين فيها حسنت مستقرا ومقاما ))ه
ومن صفاتهم العظيمة في سورة البقرةقوله سبحانه جل علا : ((ليس البر ان تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر منآمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربىواليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب واقام الصلاة وآتى الزكاةوالموفون بعهدهم اذا عاهدوا والصابرين في الباءساء والضراء وحين البأس اولئك الذينصدقوا واولئك هم المتقون)) ، هذه مجمع الصفات وهناك آيات كثيرات ..من تدبر القرآنعلمها وعرفها في مظانها .. لكن هذه الآيه من سورة التوبة مع اختصارها جامعة لكلالصفات ، قال سبحانه و تعالى : ((والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض )) هذهصفتهم أولياء ـــأحباء ــ لا يتحاسدون و لا يتناجشون ولا يتباغضون ولا يتدابرون ولايخذل بعضهم بعضا ولا يكذب بعضهم على بعض ولا يغش بعضهم بعضا ولا يظلم بعضهم بعضاهذه صفاتهم … أولياء ، الولي…الصديق …الحبيب …ومعلوم ان الصديق الصحيح والحبيب لايغش اخاه وصديقه ولا يظلمه ولا يؤذيه لا بقول ولا بفعل ، ولا يخونه في المعاملة ولايكذبه في الحديث و…الى غير ذلك … فأنت يا عبد الله حاسب نفسك هل انت قائم بهذاالوصف ؟!!… لا تظلمه ولا تؤذيه ، و هل أنت مستقيم عليه ؟ تحب لأخيك كل الخير وتكرهله كل الشر لا تظلمه و لا تغشه لا بقول ولا بفعل ..؟ هذه صفة عظيمة فالمطلوب من كلمؤمن ومؤمنة حساب النفس على هذا ..كل منا يحاسب نفسه هل هو من اهل هذه الصفة ؟؟ ((بعضهم أولياء بعض )) فعليه أن يجاهد نفسه اذا كان يعلم منها خلاف ذلك ، فعليه أنيجاهدها حتى تستقيم على المحبة و الأخوة الأيمانية وعدم الأيذاء للمؤمن والمؤمنةبأي وسيلة ، و يحب له ولأخته في الله كل الخير ويكره له كل الشر … هكذا المؤمنوهكذا المؤمنة .. ثم قال بعد ذلك : ((يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر )) ، هذه منأخلاق المؤمنين ومن صفات المؤمنين ذكوراً وإناثاً ..الأمر بالمعروف والنهي عنالمنكر ، كما قال سبحانه : ((كنتم خير أُمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عنالمنكر )) ، فالواجب على أهل الإيمان من الرجال والنساء التخلق بهذا الخلق يأمربالمعروف وينهى عن المنكر في بيته ومع زملائه ومع جلسائه ومع غيرهم ، إذا رأىمنكراً أنكره وإذا رأى أن المعروف قد أضاعه أخوه أنكر عليه إضاعته ، وهكذا المؤمنةمع أخواتها في الله كلٌ يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر في بيته ومع أهله … الزوج معزوجته والزوجة مع زوجها والرجل مع أولاده ومع إخوانه ومع خدمه ومع أيتامه يأمربالمعروف وينهى عن المنكر لا يغفل ..هذه خصلة عظيمة لا بد منها ..ومن أهم واجباتهومن أهم خصال المؤمن ان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر مع أهل بيته كما قال سبحانه : ((يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة )) ..وقال عز وجل : ((ولتكن منكم أمة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكروألئك هم المفلحون )) ، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : ((منرأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع بقلبه وذلك اضعفالإيمان )) ، لا يسكت بل ينكر بيده إذا كان له سلطه كالهيئة في حدود تعليماتهاوالأمير والسلطان والرجل في اهل بيته كل ينكر قدر طاقته .بيده إزالة المنكر وهكذامن فالسلطان في أي شيء ينكر في حدود صلاحيته بيده وبلسانه وبقلبه …الرجل والمرأةومهما أمكن اللسان وحصل به المطلوب متى أزال المنكر فالحمد لله .. فإن لم يزلالمنكر أزاله بيده إن قدر على ذلك لكونه له سلطة في هذا الشيء من أمير وهيئة وصاحببيت مع أهله ونحو ذلك ممن له سلطة ، أما غيرهم فيكفي الكلام بالدعوة والتوجيهوالإرشاد والنصيحة ، كما قال جل وعلا ((ومن أحسن قولاً ممن دعا الى الله وعملصالحاً )) وقال سبحانه : ((ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتيهي أحسن)) ، و قال عز وجل : ((ولا تجادلوا اهل الكتاب إلا بالتي أحسن إلا الذينظلموا منهم )) ،فالجدال بالتي هي أحسن من أعظم الأسباب في فهم الحق وقبوله والرضابه .. أما العنف والشدة من أسباب التكبر والإعراض والنزاع وعدم قبول الحق ،وبهذاثبت عنه صلى الله عليه وسلم : ((إن الرفق لم يكن في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيءإلا شانه ))، وقال صلى عليه وسلم : ((من يحرم الرفق .يحرم الخير كله ))، ويقول صلىالله عليه وسلم : ((اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فارفق به… اللهم منولي من أمر أمتي شيئاً فشق عليهم فشُق عليه )) .. فالمؤمن يتحرى أسباب إزالة المنكرويتحرى أسباب قبول الحق بالعبارة الحسنة والأسلوب الحسن والتوجيه الطيب مع إقامةالأدلة ، مثلاً قال الله وقال النبي ، فإذا لم يجدي ذلك فالقوة حينئذٍ في إزالةالمنكر ..إراقة الخمر ..كسر الصورة ، إلى غير هذا مما يزال باليد ممن له سلطة منأمير وقاضٍ وهيئة وغير هذا ممن له سلطة ، ولهذا قال جل وعلا في الآية في سورةالعنكبوت : (( ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم )) ،الظالم يعامل بما يناسبه من إلزامه بالحق وقمعه بالباطل وإقامة الحد عليه والتعزيمعليه بمن له السلطة في ذلك .. وبين سبحانه في سورة المائدة ان الناس إذا أضاعوا هذاالواجب نزلت بهم عقوبة اللعن ، فإذا ترك الناس الأمر والنهي خشي عليهم عقوبة اللعن ، فيقول سبحانه : (( لُعِن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابنمريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوايفعلون )) ، يعينوه على هذا الأمر لما اعرضوا عن إنكار المنكر وتساهلوا .. قال صلىالله عليه وسلم في الحديث الصحيح : (( إن الناس إذا رأوا المنكر ولم يغيروه أوشك انيعمهم الله بعقاب )) ، و قال : ((ويلٌ للعرب من شر ٍقد أقترب ،فتح اليوم من ردميأجوج ومأجوج مثل هذا وحلق بإصبعيه ))..يخطب أصحابه عليه الصلاة والسلام فقالت لهزينب أم المؤمنين بنت جحش رضي الله عنها : " يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون ؟ "ـــ أ نهلك وفينا الصالحون يعني وفينا الأخيارـــ قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( نعم إذا كثر الخبث )) ، إذا كثر الخبث يعني إذا كثر الخبث جاءت العقوبات ويهلكالصالحون نعم العقوبة والخبث والشرك والمعاصي ،كلها خبث ، الشرك خبث والمعاصي خبث ،نعم إذا وجد المنكر ولم ينكر … لهذا يوجب على المسلمين التواصي بالحق و التناصحوالتعاون بالبر والتقوى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، كما قال عز وجل : ((والعصر إن الإنسان لفي خُسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحقوتواصوا بالصبر )) ، هؤلاء هم الرابحون وهم الناجون وهم السعداء وبقية الناس فيخسارة ،و أهل هذه الصفات الأربع الإيمان الصادق بالله ورسوله والعمل الصالح والذيهو توحيد الله وطاعته وترك المعصية والتواصي بالحق التناصح والأمر بالمعروف والنهيعن المنكر .. إيمان وعملاً وتوصياً وصبراً لابد منها ، هذه صفة الرابحين المؤمنينفمن فقد شيئاً من هذه الصفات الأربع أصابته الخسارة بقدر ما فقد من هذه الصفة فإنفاتتك كلها تمت الخسارة ولا حول ولا قوة إلا باللهه
وقد يقتصر سبحانه وتعالى علىالإيمان والعمل الصالح في غالب الآيات لأن التواصي بالحق والصبر داخل في الإيمانوالعمل الصالح ، ولهذا قال في الآيات الأخرى : (( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحاتلهم جنات النعيم )) .. والتواصي داخل في ذلك في الصبر والحق .. داخل في الإيمانوالعمل الصالح ، قال تعالى : (( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جناتالفردوس نزلا خالدين فيها لا يبغون عنها حولا )) ، لأن الإيمان والعمل الصالح يشملالتواصي بالحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصبر عليه كله داخل في الإيمانوالعمل الصالح قال الله تعالى (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات هم خير البرية )) ، خير البرية خير الخليقة بسبب إيمانهم والعمل الصالح وعملهم الصالح : (( جزاؤهمعند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنهذلك لمن خشي ربه )) ، هذا الخير لمن خشي الله .. عمل عن إخلاص وصدق وخشية الله عزوجل لا عن رياء وسمعة ولا عن تقليد ونحو ذلك .. لا .. عن إيمان بالله ورسوله ، عنخشية لله ، عن رغبة فيما عنده ، جل وعلا .. فلابد من الإيمان بالله ورسوله ولابد منالعمل الذي هو داخل في الإيمان ، فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أعظم العملومن أعظم شعب الإيمان فلابد من ذلك يجب على المؤمنين والمؤمنات القيام بهذا الواجب ، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أينما كانوا في البيت في الطريق في الطائرة فيالباخرة في القطار في أي مكان حسب الطاقة (( فاتقوا الله ما استطعتم )).. ثم قالسبحانه : (( ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة )) هذه من أهم أنواع الفرائض لكن قدّم ((بعضهم أولياء بعض )) ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأن هذه صفات عامة مهمةيترتب عليها كل خير من الصلاة وغيرها ، متى وجد تحابّ في الله ومتى وجد الأمربالمعروف والنهي عن المنكر والتواصي بالحق ، فضل بعد ذلك إقام الصلاة و إيتاءالزكاة وإطاعة الله ورسوله ، و إنما يأتي التحلل من الإعراض والغفلة وعدم الأمروالنهي وعدم التواصي بالحق ، فعند هذا تكثر الشرور ويختل الإيمان وتضاع الصلاةوتضاع الزكاة وتضاع طاعة الله ورسولهه
فالواجب على المكلفين من الرجالومن النساء العناية بهذا الأمر ، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأن يكون ولياًلأخته وأخيه ، وأن يحذر جميع ما حرم الله وأن يقيم الصلاة كما أمر الله فالرجليؤديها في الجماعة والمرأة تؤديها في وقتها وفي بيتها كما أمر الله بالخشوعوالطمأنينة ، قال الله تعالى : (( قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون )) ،ثم ذكر صفاتهم : (( والذين هم على صلواتهم يحافظون أولئك هم الوارثون الذين يرثونالفردوس هم فيها خالدون )) ، هذه الصفات العظيمة في سورة المؤمنون .. ومن جملةصفاتهم : (( والذين هم عن اللغو معرضون والذين هم للزكاة فاعلون والذين هم لفروجهمحافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم ف'نهم غير ملومين فمن اتقى وراء ذلكفأولئك هم العادون والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون والذين هم على صلواتهم يحافظون )) ، هذه من صفاتهم التي تدخل في قوله ويقيمون الصلاة ويطيعون الله ورسوله فإن كلمةويطيعون الله ورسوله كلمة جامعة تجمع جميع الصفات يدخل فيها الصيام والحج وبرالوالدين وصلة الرحم والجهاد وترك المنكرات التواصي والتواصي بالصبر ، كما شرع اللهعن إيمان وعن صدق وعن رغبة وعن رهبة ويؤدون الزكاة كذلك يؤدون الزكاة كما أمر اللهبأموالهم الرجال والنساء في كل شيء في الجهاد وفي صيام رمضان وفي الحج مع الاستطاعة ، قال بعد ذلك : (( أولئك سيرحمهم الله )) ، أي من حمل هذه الصفات يرحمه اللهبالتوفيق في الدنيا والنجاح في الآخرة ، لما قام بأمر الله واتقى الله وتخلقبالأخلاق التي مدحها الله و أمر بها وهو الصادق في وعده لا يخلف الميعاد سبحانهوتعالى ، ومن الرحمة التوفيق في الدنيا كحسن الخاتمة ، ومن الرحمة دخول الجنةومنجاة من النار يوم القيامة بسبب أعماله الطيبة وإيمانه وتقواه وصدقهه
فالوصية أيها الأخوة كل منا يحاسبنفسه ويجاهدها في الله ويتدبر كتاب الله الكريم فإن فيه الهدى والنور من أوله لآخرهفيه صفات الأبرار والأخيار والمؤمنين وفيه صفات الأشرار من الكفار والمنافقينوالمجرمين ، فيتدبر القرآن ويعتني به ويكثر من تلاوته للعمل لا لمجرد التلاوة ،والتلاوة عبادة وفيها خير عظيم وكل حرف بحسنة والحسنة بعشر أمثالها ، لكن المقصودالتلاوة عمل هو اللب والتلاوة وسيلة فالمشروع للمؤمن و المؤمنة العناية بهذا الأمر ، و العناية بالقرآن وتدبر معانيها والإكثار من ذلك ، حتى تعمل بما أوجب الله وبماشرع الله وحتى ينتهي عما نهى الله عنه ، وهكذا سنة الرسول صلى الله عليه وسلم يعتنيبها المؤمن ويحفظ ما تيسر منها وسمعها يسأل أهل العلم عما أشكل عليه ، حتى يحصل لهعلم من القرآن وعلم من السنة بما شرع الله في هذه الدار .. فأنت يا عبد الله في دارالعمل أنت مخلوق لتعبد ربك لم تخلق للأكل والشرب والنكاح .. لا .. خلقت لأمر عظيم ،لتعبد ربك ، : (( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ))، وأمر بعد ذلك : (( يا أيهاالناس اعبدوا ربكم )) فأنت مخلوق لهذه العبادة وهذه العبادة هي دين الإسلام ، وهيالإيمان وهي ما ذكره الله في قوله : (( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض ))وفي كثير من الآيات العبادة التي خلقت لها هي توحيد الله وطاعة أوامره وترك نواهيه ، هذه العبادة التي خلقت لها فلابد من صبر ولابد من جهاد ، أما ما يسر الله لك منأكل وشرب و أموال ونكاح وسكن وغير ذلك فهي معونة على أداء حق ربك .. وبالله التوفيق لك على القيام بالواجب والسعي بها
جزاكم الله خيرا
Admin كتب:من أخلاق المؤمنين والمـــــــــــــــــــؤمنات
للإمام عبد العزيز بن باز رحمه الله
الحمد لله رب العالمين والعاقبةالله للمتقين .. والصلاة والسلام على عبده ورسوله وصفوته من خلقه وخليله وأمينه على وحيهنبينا وإمامنا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يومالدينه
أما بعد : فإني أشكر الله عز وجلعلى ما من به من هذا اللقاء بإخوتي بالله في أفضل بقعة في رحاب البيت العتيق في مكةالمكرمة للتواصي بالحق والدعوة إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال والترهيب من سيءالأخلاق وسيء الأعمال . وأسأله سبحانه أن يجعله لقاءاً مباركاً وأن يصلح قلوبناوأعمالنا وأن يعيذنا جميعاً من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا وأن ينصر دينه ويعليكلمته وأن يصلح أحوال المسلمين في كل مكان وأن يمنحهم الفقه في الدين يولي عليهمخيارهم ويصلح قادتهم كما أسأإله سبحانه أن يوفق ولاة أمرنا لكل ما يرضيه ويصلحقلوبهم وأعمالهم وأن يعينهم على كل خير وأن يجعلهم من الهداة المهتدين إنه سبحانهجواد كريم .. كما أشكر أخي الشيخ ناصر على دعوته لي لهذا اللقاء وعلى أبياته التيسمعتموها وأسأل الله أن يعفو عني وعنكم وعنه وأن يصلح قلوبنا وأن يغفر لنا ذنوبناوسيئات أعمالناه
أيها الأخوة في الله .. عنوانكلمتي .. أخلاق المؤمنين والمؤمنات . إن الله سبحانه في كتابه الكريم أوضح أخلاقالمؤمنين وصفاتهم وأعمالهم وما أعد لهم في الدنيا والآخرة من النعيم والخير الكثيرثم إنه سبحانه أوضح صفات الكافرين والمشركين وبين مآلهم ومصيرهم وما أعد لهم منالعذاب الأليم كي يأخذ المؤمن بحظه من صفات المؤمنين ويستقيم على ذلك ويحافظ علىذلك ويجاهد نفسه لذلك وليحذر من صفات الكافرين ويبتعد عنها ويحذر إخوانه منها ومنأجمع ما جاء في كتاب الله في هذا المقام : قوله سبحانه في سورة التوبة : ((والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمونالصلاة ويأتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم … )) . الآية ، هذه الآية جمعت جميع الصفات التي يحبها الله والتحذير من الصفات التييبغضها الله مع اختصارهاه
وفي القرآن آيات كثيرات في صفاتالمؤمنين والمؤمنات وفي أخلاقهم منها ما سمعتم في قراءة الشيخ هذه الليلة في آخرسورة الفرقان (( وعباد الرحمن الذين يمشون في الارض هونا واذا خاطبهم الجاهلونقالوا سلاما والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذابجهنم ان عذابها كان غراما انها ساءت مستقرا ومقاما..)) ، إلى آخر الآيات من صفاتعباد الرحمن فهي صفات جامعة ،أيضاً قال في اخرها سبحانه (أولئك يجزون الغرفة ))،يعني الجنة ، ((بما صبروا ))، بصبرهم على طاعة الله ، ((ويلقون فيها تحية وسلاماخالدين فيها حسنت مستقرا ومقاما ))ه
ومن صفاتهم العظيمة في سورة البقرةقوله سبحانه جل علا : ((ليس البر ان تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر منآمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربىواليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب واقام الصلاة وآتى الزكاةوالموفون بعهدهم اذا عاهدوا والصابرين في الباءساء والضراء وحين البأس اولئك الذينصدقوا واولئك هم المتقون)) ، هذه مجمع الصفات وهناك آيات كثيرات ..من تدبر القرآنعلمها وعرفها في مظانها .. لكن هذه الآيه من سورة التوبة مع اختصارها جامعة لكلالصفات ، قال سبحانه و تعالى : ((والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض )) هذهصفتهم أولياء ـــأحباء ــ لا يتحاسدون و لا يتناجشون ولا يتباغضون ولا يتدابرون ولايخذل بعضهم بعضا ولا يكذب بعضهم على بعض ولا يغش بعضهم بعضا ولا يظلم بعضهم بعضاهذه صفاتهم … أولياء ، الولي…الصديق …الحبيب …ومعلوم ان الصديق الصحيح والحبيب لايغش اخاه وصديقه ولا يظلمه ولا يؤذيه لا بقول ولا بفعل ، ولا يخونه في المعاملة ولايكذبه في الحديث و…الى غير ذلك … فأنت يا عبد الله حاسب نفسك هل انت قائم بهذاالوصف ؟!!… لا تظلمه ولا تؤذيه ، و هل أنت مستقيم عليه ؟ تحب لأخيك كل الخير وتكرهله كل الشر لا تظلمه و لا تغشه لا بقول ولا بفعل ..؟ هذه صفة عظيمة فالمطلوب من كلمؤمن ومؤمنة حساب النفس على هذا ..كل منا يحاسب نفسه هل هو من اهل هذه الصفة ؟؟ ((بعضهم أولياء بعض )) فعليه أن يجاهد نفسه اذا كان يعلم منها خلاف ذلك ، فعليه أنيجاهدها حتى تستقيم على المحبة و الأخوة الأيمانية وعدم الأيذاء للمؤمن والمؤمنةبأي وسيلة ، و يحب له ولأخته في الله كل الخير ويكره له كل الشر … هكذا المؤمنوهكذا المؤمنة .. ثم قال بعد ذلك : ((يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر )) ، هذه منأخلاق المؤمنين ومن صفات المؤمنين ذكوراً وإناثاً ..الأمر بالمعروف والنهي عنالمنكر ، كما قال سبحانه : ((كنتم خير أُمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عنالمنكر )) ، فالواجب على أهل الإيمان من الرجال والنساء التخلق بهذا الخلق يأمربالمعروف وينهى عن المنكر في بيته ومع زملائه ومع جلسائه ومع غيرهم ، إذا رأىمنكراً أنكره وإذا رأى أن المعروف قد أضاعه أخوه أنكر عليه إضاعته ، وهكذا المؤمنةمع أخواتها في الله كلٌ يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر في بيته ومع أهله … الزوج معزوجته والزوجة مع زوجها والرجل مع أولاده ومع إخوانه ومع خدمه ومع أيتامه يأمربالمعروف وينهى عن المنكر لا يغفل ..هذه خصلة عظيمة لا بد منها ..ومن أهم واجباتهومن أهم خصال المؤمن ان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر مع أهل بيته كما قال سبحانه : ((يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة )) ..وقال عز وجل : ((ولتكن منكم أمة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكروألئك هم المفلحون )) ، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : ((منرأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع بقلبه وذلك اضعفالإيمان )) ، لا يسكت بل ينكر بيده إذا كان له سلطه كالهيئة في حدود تعليماتهاوالأمير والسلطان والرجل في اهل بيته كل ينكر قدر طاقته .بيده إزالة المنكر وهكذامن فالسلطان في أي شيء ينكر في حدود صلاحيته بيده وبلسانه وبقلبه …الرجل والمرأةومهما أمكن اللسان وحصل به المطلوب متى أزال المنكر فالحمد لله .. فإن لم يزلالمنكر أزاله بيده إن قدر على ذلك لكونه له سلطة في هذا الشيء من أمير وهيئة وصاحببيت مع أهله ونحو ذلك ممن له سلطة ، أما غيرهم فيكفي الكلام بالدعوة والتوجيهوالإرشاد والنصيحة ، كما قال جل وعلا ((ومن أحسن قولاً ممن دعا الى الله وعملصالحاً )) وقال سبحانه : ((ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتيهي أحسن)) ، و قال عز وجل : ((ولا تجادلوا اهل الكتاب إلا بالتي أحسن إلا الذينظلموا منهم )) ،فالجدال بالتي هي أحسن من أعظم الأسباب في فهم الحق وقبوله والرضابه .. أما العنف والشدة من أسباب التكبر والإعراض والنزاع وعدم قبول الحق ،وبهذاثبت عنه صلى الله عليه وسلم : ((إن الرفق لم يكن في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيءإلا شانه ))، وقال صلى عليه وسلم : ((من يحرم الرفق .يحرم الخير كله ))، ويقول صلىالله عليه وسلم : ((اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فارفق به… اللهم منولي من أمر أمتي شيئاً فشق عليهم فشُق عليه )) .. فالمؤمن يتحرى أسباب إزالة المنكرويتحرى أسباب قبول الحق بالعبارة الحسنة والأسلوب الحسن والتوجيه الطيب مع إقامةالأدلة ، مثلاً قال الله وقال النبي ، فإذا لم يجدي ذلك فالقوة حينئذٍ في إزالةالمنكر ..إراقة الخمر ..كسر الصورة ، إلى غير هذا مما يزال باليد ممن له سلطة منأمير وقاضٍ وهيئة وغير هذا ممن له سلطة ، ولهذا قال جل وعلا في الآية في سورةالعنكبوت : (( ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم )) ،الظالم يعامل بما يناسبه من إلزامه بالحق وقمعه بالباطل وإقامة الحد عليه والتعزيمعليه بمن له السلطة في ذلك .. وبين سبحانه في سورة المائدة ان الناس إذا أضاعوا هذاالواجب نزلت بهم عقوبة اللعن ، فإذا ترك الناس الأمر والنهي خشي عليهم عقوبة اللعن ، فيقول سبحانه : (( لُعِن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابنمريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوايفعلون )) ، يعينوه على هذا الأمر لما اعرضوا عن إنكار المنكر وتساهلوا .. قال صلىالله عليه وسلم في الحديث الصحيح : (( إن الناس إذا رأوا المنكر ولم يغيروه أوشك انيعمهم الله بعقاب )) ، و قال : ((ويلٌ للعرب من شر ٍقد أقترب ،فتح اليوم من ردميأجوج ومأجوج مثل هذا وحلق بإصبعيه ))..يخطب أصحابه عليه الصلاة والسلام فقالت لهزينب أم المؤمنين بنت جحش رضي الله عنها : " يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون ؟ "ـــ أ نهلك وفينا الصالحون يعني وفينا الأخيارـــ قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( نعم إذا كثر الخبث )) ، إذا كثر الخبث يعني إذا كثر الخبث جاءت العقوبات ويهلكالصالحون نعم العقوبة والخبث والشرك والمعاصي ،كلها خبث ، الشرك خبث والمعاصي خبث ،نعم إذا وجد المنكر ولم ينكر … لهذا يوجب على المسلمين التواصي بالحق و التناصحوالتعاون بالبر والتقوى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، كما قال عز وجل : ((والعصر إن الإنسان لفي خُسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحقوتواصوا بالصبر )) ، هؤلاء هم الرابحون وهم الناجون وهم السعداء وبقية الناس فيخسارة ،و أهل هذه الصفات الأربع الإيمان الصادق بالله ورسوله والعمل الصالح والذيهو توحيد الله وطاعته وترك المعصية والتواصي بالحق التناصح والأمر بالمعروف والنهيعن المنكر .. إيمان وعملاً وتوصياً وصبراً لابد منها ، هذه صفة الرابحين المؤمنينفمن فقد شيئاً من هذه الصفات الأربع أصابته الخسارة بقدر ما فقد من هذه الصفة فإنفاتتك كلها تمت الخسارة ولا حول ولا قوة إلا باللهه
وقد يقتصر سبحانه وتعالى علىالإيمان والعمل الصالح في غالب الآيات لأن التواصي بالحق والصبر داخل في الإيمانوالعمل الصالح ، ولهذا قال في الآيات الأخرى : (( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحاتلهم جنات النعيم )) .. والتواصي داخل في ذلك في الصبر والحق .. داخل في الإيمانوالعمل الصالح ، قال تعالى : (( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جناتالفردوس نزلا خالدين فيها لا يبغون عنها حولا )) ، لأن الإيمان والعمل الصالح يشملالتواصي بالحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصبر عليه كله داخل في الإيمانوالعمل الصالح قال الله تعالى (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات هم خير البرية )) ، خير البرية خير الخليقة بسبب إيمانهم والعمل الصالح وعملهم الصالح : (( جزاؤهمعند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنهذلك لمن خشي ربه )) ، هذا الخير لمن خشي الله .. عمل عن إخلاص وصدق وخشية الله عزوجل لا عن رياء وسمعة ولا عن تقليد ونحو ذلك .. لا .. عن إيمان بالله ورسوله ، عنخشية لله ، عن رغبة فيما عنده ، جل وعلا .. فلابد من الإيمان بالله ورسوله ولابد منالعمل الذي هو داخل في الإيمان ، فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أعظم العملومن أعظم شعب الإيمان فلابد من ذلك يجب على المؤمنين والمؤمنات القيام بهذا الواجب ، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أينما كانوا في البيت في الطريق في الطائرة فيالباخرة في القطار في أي مكان حسب الطاقة (( فاتقوا الله ما استطعتم )).. ثم قالسبحانه : (( ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة )) هذه من أهم أنواع الفرائض لكن قدّم ((بعضهم أولياء بعض )) ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأن هذه صفات عامة مهمةيترتب عليها كل خير من الصلاة وغيرها ، متى وجد تحابّ في الله ومتى وجد الأمربالمعروف والنهي عن المنكر والتواصي بالحق ، فضل بعد ذلك إقام الصلاة و إيتاءالزكاة وإطاعة الله ورسوله ، و إنما يأتي التحلل من الإعراض والغفلة وعدم الأمروالنهي وعدم التواصي بالحق ، فعند هذا تكثر الشرور ويختل الإيمان وتضاع الصلاةوتضاع الزكاة وتضاع طاعة الله ورسولهه
فالواجب على المكلفين من الرجالومن النساء العناية بهذا الأمر ، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأن يكون ولياًلأخته وأخيه ، وأن يحذر جميع ما حرم الله وأن يقيم الصلاة كما أمر الله فالرجليؤديها في الجماعة والمرأة تؤديها في وقتها وفي بيتها كما أمر الله بالخشوعوالطمأنينة ، قال الله تعالى : (( قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون )) ،ثم ذكر صفاتهم : (( والذين هم على صلواتهم يحافظون أولئك هم الوارثون الذين يرثونالفردوس هم فيها خالدون )) ، هذه الصفات العظيمة في سورة المؤمنون .. ومن جملةصفاتهم : (( والذين هم عن اللغو معرضون والذين هم للزكاة فاعلون والذين هم لفروجهمحافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم ف'نهم غير ملومين فمن اتقى وراء ذلكفأولئك هم العادون والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون والذين هم على صلواتهم يحافظون )) ، هذه من صفاتهم التي تدخل في قوله ويقيمون الصلاة ويطيعون الله ورسوله فإن كلمةويطيعون الله ورسوله كلمة جامعة تجمع جميع الصفات يدخل فيها الصيام والحج وبرالوالدين وصلة الرحم والجهاد وترك المنكرات التواصي والتواصي بالصبر ، كما شرع اللهعن إيمان وعن صدق وعن رغبة وعن رهبة ويؤدون الزكاة كذلك يؤدون الزكاة كما أمر اللهبأموالهم الرجال والنساء في كل شيء في الجهاد وفي صيام رمضان وفي الحج مع الاستطاعة ، قال بعد ذلك : (( أولئك سيرحمهم الله )) ، أي من حمل هذه الصفات يرحمه اللهبالتوفيق في الدنيا والنجاح في الآخرة ، لما قام بأمر الله واتقى الله وتخلقبالأخلاق التي مدحها الله و أمر بها وهو الصادق في وعده لا يخلف الميعاد سبحانهوتعالى ، ومن الرحمة التوفيق في الدنيا كحسن الخاتمة ، ومن الرحمة دخول الجنةومنجاة من النار يوم القيامة بسبب أعماله الطيبة وإيمانه وتقواه وصدقهه
فالوصية أيها الأخوة كل منا يحاسبنفسه ويجاهدها في الله ويتدبر كتاب الله الكريم فإن فيه الهدى والنور من أوله لآخرهفيه صفات الأبرار والأخيار والمؤمنين وفيه صفات الأشرار من الكفار والمنافقينوالمجرمين ، فيتدبر القرآن ويعتني به ويكثر من تلاوته للعمل لا لمجرد التلاوة ،والتلاوة عبادة وفيها خير عظيم وكل حرف بحسنة والحسنة بعشر أمثالها ، لكن المقصودالتلاوة عمل هو اللب والتلاوة وسيلة فالمشروع للمؤمن و المؤمنة العناية بهذا الأمر ، و العناية بالقرآن وتدبر معانيها والإكثار من ذلك ، حتى تعمل بما أوجب الله وبماشرع الله وحتى ينتهي عما نهى الله عنه ، وهكذا سنة الرسول صلى الله عليه وسلم يعتنيبها المؤمن ويحفظ ما تيسر منها وسمعها يسأل أهل العلم عما أشكل عليه ، حتى يحصل لهعلم من القرآن وعلم من السنة بما شرع الله في هذه الدار .. فأنت يا عبد الله في دارالعمل أنت مخلوق لتعبد ربك لم تخلق للأكل والشرب والنكاح .. لا .. خلقت لأمر عظيم ،لتعبد ربك ، : (( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ))، وأمر بعد ذلك : (( يا أيهاالناس اعبدوا ربكم )) فأنت مخلوق لهذه العبادة وهذه العبادة هي دين الإسلام ، وهيالإيمان وهي ما ذكره الله في قوله : (( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض ))وفي كثير من الآيات العبادة التي خلقت لها هي توحيد الله وطاعة أوامره وترك نواهيه ، هذه العبادة التي خلقت لها فلابد من صبر ولابد من جهاد ، أما ما يسر الله لك منأكل وشرب و أموال ونكاح وسكن وغير ذلك فهي معونة على أداء حق ربك .. وبالله التوفيق لك على القيام بالواجب والسعي بها
ماهر بن على- المساهمات : 1
تاريخ التسجيل : 20/04/2011
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى